تسييسُ التكنولوجيا!
أثارَ اعتقالُ مؤسّسُ منصّة “تلغرام“ ورئيسُها التنفيذيّ بافيل دوروف Pavel Durov في فرنسا عند وصوله إلى مطار رجال الأعمال الفرنسي Le Bourget جدلاً وردودَ أفعالٍ عالميّة، والتّهمة هي فشله في الحدّ من السّلوك الإجراميّ على تطبيق “تيكتوك” بحسب تفاصيل مذكّرة الإعتقال. ولكن هل هذه هي الحقيقة فعلاً لاعتقال Durov أم أنه تلفيقُ تهمةٍ وسنأتي على ذكرها في سياق حديثنا؟
في المقابل، طالبت السّلطات الروسيّة نظيرتَها الفرنسيّة بضرورة إعطاء دوروف حقوقه، هو الذي يحملُ الجنسيَّتَين الروسيّة والفرنسيّة. ولكنّ القضيّة أخذت منحىً سياسيًّا ألا وهو تسييس التكنولوجيا؛ فهذه الأخيرة وبخاصّة تطبيقات ومنصّات التواصل الرقميّة الحديثة هي سلاحُ التنصّت الخبيث بأيدي الدّول (أقلّه حاليًّا، فعمّا قريب ستصبح في عداد الدول النامية). ولا ننسى في هذا السياق، الأزمة الأخيرة بين الولايات المتّحدة الأميركيّة والصين الشعبية بسبب منصّة “تيكتوك”، حيث اتّهمت أميركا الصّين باستخدام “تيكتوك” للتنصت على شؤونها الدّاخليّة ممّا يتسبّب بخطرٍ على أمنها القوميّ، ومن هنا تسعى أميركا إلى إصدار مرسومٍ يقضي بإيقاف استخدام التطبيق على أراضي الولايات المتّحدة الأميركية.
بالعودة إلى قضيّة اعتقال “دوروف”، هي أكبر من التّهم التي تتذرّع بها فرنسا (علمًا أنّها موجودة) وهي التخاطب الجنسي المتعلّق بالأطفال لكونه يمثل الشركة، وتتلطّى وراء حقوق الطفل والإنسان ككلّ. غير أنّ الحقيقة تمكن في أنّ هذا الرّجل طُلبَ منه أن يتعاون مع أكثر من دولة وطُلب منه تقديم معلومات خاصّة بهويّة المستخدمين ورفض، حتّى أنّ السلطات الروسيّة كانت تواجه مشاكل معه على هذا الصّعيد. إذًا، هل يدفع Pavel Durov اليوم ثمنَ الخصوصيّة التي أرادها لهذه المنصّة، وعلى ما يبدو دول النفاق تحتاج للكثير من البيانات التي تحويها؟
ليست الحجج إذًا قضائيّة، بل هي أمنية تعني مستقبل الذين يعتبرون أنفسهم كبارَ القوم في العالم. وخذوا الحقيقة من مجانين الزّمن الحاضر، إذ يقول عضو مجلس الشّيوخ سام باركر: “سبب اعتقال مؤسّس “تلغرام” يعود لعدم حذف منصّته محتوىً لا ترغب إسرائيل برؤيته وهي لم تتمكّن من وقف انتشاره كما تفعلُ في منصّات أخرى”. وهذا ما يُثبتُ الإشكالية الأساس في اعتقال “دوروف” واسمُ المحرّك الأوّل لدول الغرب هم صهاينة الكوكب (أقلّه في هذه المرحلة الزائلة) آملين أن يكون وراء Pavel Durov أتباع يحذون حذوه.
إدمون بو داغر