“بيننا وبينكم هوّة عميقة”..!

للإغتيالات السياسيّة تاريخٌ طويل في لبنان، خلال الحرب الأهليّة وبعدها (منذ 2005) وأحدثُها اغتيال الباحث والمفكّر والنّاشط السياسيّ لُقمان سليم المُنتمي إلى الطّائفة الشيعيّة والمعروف بمعارضته لحزب الله المُدجّج بالسّلاح والمُتحصّن بقوّة البطش والرّفضيّة والممانعة لكلّ من يختلف عنه فكرًا ونهجًا وعقيدة. لقد اغتيل لُقمان سليم بأربع رصاصاتٍ في الرّأس وواحدة في الظّهر؛ وفي علمِ الجريمة، هناك فرضيّات مختلفة قد تُطرَح، تبدأ بتوقيت وطريقة تنفيذ الجريمة إلى أصغر أرجحيّة. قبل أن نتّهمَ أحدًا، أو نشيرَ إلى مُشتبهٍ به،(لأنّ الحقيقة ستنجلي مع الوقت، و”ما من مستورٍ إلاّ وسيُكشف”)، لا بدّ من طرح الفرضيّة التّالية: أربعُ رصاصاتٍ في مكانٍ واحدٍ (الرّأس)، دليلُ لؤمٍ ورجاسةٍ وحقدٍ دفينٍ و تشفٍّ إنتقاميّ؛ وقد يكون السّبب في ذلك تعصّبٌ عقائديّ وفكريّ عميق، أيْ نبذٌ للآخر المُختلف، ما دفع القاتلَ إلى كمّ فمِ المغدور من خلال تصفيته، أو قد يكونُ خلافٌ مُحكَم بين جهتَيْن مُتنافرتَيْن يستتبعُه انتقام شرسٌ، فقتلٌ، وسواها من الأسباب التي تدور في المَدار عيْنه.

لم تكنْ يومًا الطّائفة الشيعيّة الكريمة في لبنان مؤدلجة كما هي الحالُ اليوم بالنّسبة لفئة منها تُناصرُ و”تقدّسُ” إيديولوجيا معيّنة. (وذلك قبل عام 1982).ولكنّ الخميرة التي تخمّر العجين لم ولن تزول! وفي هذا السّياق، لا بدّ من رفع القُبّعة للعديد من إخواننا الشّيعة المُثقلين فكرًا وثقافةً والمُشبعين حريّة واستقلاليّة وسيادةً وإباءً على غرار الشّهيد لُقمان سليم، نذكر على سبيل المثال: الشيخ محمد العاملي والشّيخ ياسر عودة والشيخ عبّاس الجوهري والشّيخ محمّد حسين الأمين والسيّد علي الأمين والشّيخ صبحي الطّفيلي والإعلامي رياض قبيسي والإعلاميّة ديما صادق والكاتبة والمحلّلة السياسيّة هدى الحُسيْني والمُفكّر أحمد كامل الأسعد، وسواهم.

إدمون بوداغر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى