الحريري: ربّان مُخلص.. وبحّارة مشاكسون!
يُبحرالرئيس الحريري هذه الأيام داخل زوبعة سياسية يصعب الخروج منها. الأمر بدا له سهلاً عندما قصد واشنطن وأمضى وقتأ مطمئناً مع وزير الخارجية بومبيو، لكن رهانه أنه سيرجع “برأس كليب” وتستكين له رياح الحكم كان خاسراً: لقد عصفت من جديد على غير ما تشتهي سفينته.
حسن نصرالله بدد هذه الآمال تباعاً، ثم حطمها بالضربة القاضية عندما أعلنها على الملأ أن إيران، وليست واشنطن هي الآمرة الناهية في لبنان. وشفع صواريخ كلامه بعرض صاروخي إيراني على الأرض اللبنانية مؤكداً لإسرائيل وأمريكا مجتمعتين أنه القدير على إشعال “هرمجدون” ساعة يشاء، سواء من سوريا أو لبنان. صحيح أنه، وللمرة الأولى في تاريخ لبنان، يتصرف كرئيس وزراء “مساهم” وليس مناهضاً لرئيس الجمهورية، إلا أنه لسوء حظه بل حظ هذا البلد، يمشي في ظل رئيس مرتهن للحزب .. ومن ورائه إيران.
كذلك تبدلت الأمور لعكس ما كان في حسبانه: لقد بات يدرك أن الدعم الدولي لفريقه سيتوقف على شفافيته في تطبيق القرارات الأممية. وعبثاَ حاول في واشنطن تبييض صورة الحزب كجماعة لبنانية لها تمثيلها في البرلمان والحكومة، لقد أدخله الأمريكيون في المعادلة الصعبة أن دعمه لحزب الله دعم لإيران التي أصبحت الحرب معها على قاب قوسين أو أدنى: إنها الآن رهن بنجاح صديقه بومبيو في تأليب تحالف دولي ضد إيران يرتكز أولاٌ على تثبيت حرية الملاحة عبر هرمز صرح منذ أيام أنه صار قريباً، ليُستخدَم في نهاية المطاف في توجيه ضربة أممية كاسحة وسريعة لإيران كي تتأمن هذه الحرية، ومعها إيقاف أنشطتها الذرية.
وبعد أن وضع نصرالله النقاط على الحروف في مساري الحكومة والمحكمة الأسبوع الماضي، استحال الحريري سجين حلفائه الألداء الذين يحلمون ليل نهار بالنيل منه. وخياره الوحيد – خلا التنحي – تنحية الحزب من المحكمة بين جمهرة سنّية مقتنعة بتورطه بمصرع رئيسها الشهيد. وتزداد أوجاعه مع تفاقم الوضع الإقتصادي الأشد إيلاماً لدرجة أن تلفزيونه “المستقبل” بات يشكو من التمويل، لكن الوضع السياسي أقسى وأمر، لقد بات “ممسوكاً” من الحزب “لو حاد عن خياله” أو ربما فكر في الإستقالة.
د.هادي ف. عيد