باريس وواشنطن: خلاف حول لبنان!
بل بالتحديد حول حزب الله في لبنان. ففيما يرى ترامب أن “الحزب الإرهابي” هو العائق أمام استقرار البلد، يعتقد ماكرون أن “الجناح السياسي” للحزب هو جزء من هذا الإستقرار. وفي حين تسعى الولايات المتحدة إلى عزل وكبح نفوذ الجماعة المدعومة من إيران التي صنفتها منظمة إرهابية وباشرت تنفيذ العقوبات على مناصريها وتعتقد أن الحزب المسيطر بقوة السلاح لا بد من تجريده بوصفه الميليشيا الوحيدة التي لا تزال مسلحة بعد الطائف، تعترف فرنسا “بشقه السياسي” كفاعل رئيسي أتى بانتخاب شعبي لا بد من تعاونه لإخراج لبنان من الأزمة.
لا شك أن براغماتية ماكرون تنحو لتثبيت “شيء من الإستقرار” في البلد قبل إطلاق المساعدات المالية، لكنه مهتم أيضاً بعلاقات إقتصادية ممكنة مع إيران تشدد عليها الشركات الفرنسية. هذا رأي سفيره في لبنان برونو فوشيه – والملوك يستمعون لسفرائهم –المستشار السابق في السفارة بطهران، الذي صرح مراراً أن حزب الله يمثل إحدى طوائف لبنان الكبرى ولا بد أن يؤخذ بالحسبان في أي حل سياسي للإنقاذ، وفوشيه كان “همزة وصل” ما انقطعت بين الحزب وبلاده. هنا يتعارض موقفا باريس وواشنطن: ففيما ترى الأولى لبنان كما هو الآن، تراه الثانية كما ينبغي أن يكون.
وبينما تصرّح واشنطن على لسان مبعوثها شنكر أن الحزب “لا يوثق به“، تترك لماكرون، لانشغالها بالإنتخابات الرئاسية، المجال لسياسة الجزرة الفرنسية وعصا العقوبات الأمريكية. أما الرأي العام اللبناني فقد عبّر عنه جنبلاط عندما رد على وزير الخارجية بومبيو: “دعك من الصواريخ الآن، إنه أمر تقرره المباحثات السياسية“. لكن هذا الرأي سيتغير بفعل عاملين مهمين: نجاح أديب (وماكرون) بتأليف الوزارة التكنوقراطية، والإعلان المتجدد عن “ضحايا” العقوبات الأمريكية. وسيكون الأسبوع القادم حافلاً بالمفاجأت.
د. هادي عيد