السقطة!

لم يكن ينقص لبنان عاراً على عار، سوى أن تتوّج زيارة الأمين العام للأمم المتَّحدة الى جهنَّم اللبنانيَّة بـ”سَقطَة” المجلس الدستوري التي أتت متعدِّدة:

هي قبل كلِّ شيء سَقطَة للمافيا الحاكمة بأسرها، والتي من ضمن حصر إرث الدولة اللبنانية آل اليها من التركة هذا المجلس، فتقاسمته غنائم، جاعلة من الدستور بأسره مَداساً، كان يكفي في السابق إشارة من المحتَّل السوري ليتِّم القضاء على بنوده، الى أن تفرّد به وريث الإحتلال، المتربّع على عرش السلطة التشريعية،عميد السلالات، فأعاد تدويره وسائر القوانين الى… وجهة نظر.

وكذلك سقطة لهَيبة مجلسٍ، هو وفق العِلم الدستوري الأرفع في أيِّ نظام ديموقراطي، لا يجلس فوق قوسه الاّ حكماء، مهمَّتهم السهر على إنتظام الحُكم بالإحتكام الى أعلى قانونٍ يسيّر شؤون السلطات. والأحقر لما تبقّى من لبنان، أن يتولّى رئيس هذا المجلس بالذات (الذي من أجل تعيّينه، إنقضى عهد رئاسي سابق بالتناتش بين من يريده “الزعيم القوي” ومن يقترحه “الرئيس التوافقي” لينتهي الأمر يومها بقاضٍ “عائلي”)، التشدّق بأنَّ المجلس توصّل الى “لا قرار” بِطعنٍ مقدَّم له، بِغضِّ النظر اذا ما كان مُحِقَّاً ام لا، تاركاً الباب مفتوحاً أمام “إمكانية اعادة النظر”…إذا…

إذا ماذا؟

هنا السقطة الأفظع: إذا ما تمَّ التوافق على تسوية. وأيُّ تسوية؟ تلك التي كادت أن تبلغ خواتيمها بـ”قبع” المجلس الأعلى للقضاء برُّمته وإستبدال الأزلام المعيّنين فيه بنظراء أكثر طواعيَّة، لا لشيء إلاّ لـ”قبع” المحقّق العدلي بأكبر جريمةٍ في تاريخ لبنان المعاصر، دمّرت نصف عاصمته وأودت بحياة نحو ألفي شهيدٍ من مواطنيه الابرياء.

من يحمل على ضميره وِزرَ هكذا تسوية- صفقة، على دماء اللبنانييِّن؟

قالها الأمين العام للأمم المتَّحدة فور وصوله: “أنتم قياديِّو لبنان، إستحقّوا شعبكم!”

فَيَا شعبَ لبنان، ها إنَّ أعلى سلطةٍ أمميَّة أتت لتقول لكم: “الحلُّ بأيديكم!”

إنطلقوا!

       -غدي م. نصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى