ثورة القلب على إنقضاض الأطراف!

قام لبنان بفعل تلاقٍ بين مكوّنين حاولا الوقوف معاً فوق خطوط الانقسام لبناء دولة:

الأول، مسيحي متمسّك بمقوّمات القيم والانفتاح على الغرب. وهو سيّج حدود لبنان بأدياره من دير مار مارون العاصي الى دير السيِّدة في منجز العكارية، ودير سيدة البشارة في رميش…، وأعلى قممه بكهوف نساّكه.

والثاني، إسلامي: سنيّ بداية دمج بين الدين والعروبة الى حدّ إقصاء المسيحييّن الذين كانوا في أصل فكرة العروبة بوجه فروض التتريك، وأرّقته أوهام القومية العربية من المحيط الى الخليج، ما أدّى إلى قيام قوميّة لبنانيّة مقابلة. وكان التصارع الذي دفع لبنان ثمنه من أبنائه وحضوره ودوره. وانتهى شيعياً، بإستبداد المستجلِب الله، المتسربل بفائض قوة السلاح ومنطق الظلاميّات. وهو حوّل حدود لبنان الى معابر تهريب، وقممه الى كهوف ارهاب، وسهوله الى مراتع تخدير.

وقبض مستجلِب الله على ما تبّقى من شكل الدولة اللبنانية، مجاهراً انّه ما عاد بحاجة لأيّ شبه غطاء مسيحي إستجداه وأمعن في اهلاكه تحقيقاً لمآربه، وانّه من يمسك بمن يحتاجه لشبه دور سنّي يهلكه متى لم يعد يبغي منه الاّ جثته.

هكذا، انقضّت الاطراف الجغرافيّة التي أغرقها مستجلِب الله بطوفانه العددي الأحادي على القلب التعددي، جاعلاً من لبنان نقيض الغاية التي من أجلها ناضل المكوّن الاول ومن تكوكب حوله، وتتلّخص بإحتضان من نجا من تصادم الامبراطوريات وصدام الحضارات، وصراع الاقليات والاكثريات وتصارع الديانات، في واحة حرية وكرامة انسانيّة مشتركة.

اليوم، لبنان، المفكّك، غدا نموذج “قوس رُقع الحكم الذاتيالممتّد من تركيا إلى القوقاز فبلدان الهلال الخصيب (سوريا، العراق، فلسطين،مصر والسودان)، ومنها إلى ليبياعلى حدود أوروبا، مطوّقاً ايّاها ومهدّداً وحدتها.

المطلوب ثورة حقيقية. قلناها! فلنكرّرها: ثورة القلب على إنقضاض الأطراف عليه… حتى لا تتمكّن من القضاء عليه ومحو الحضارة الإنسانيّة.

غدي م. نصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى