سياسيّو “الوطنيّة المِسْخ”!
قالَهَا البطريرك مار بشارة بطرس الرّاعي صراحةً: “إنّ مشروعَ حيادِ لبنان ليسَ طرحًا سياسيًّا أوْ طائفيًّا ولا حتّى شخصيًّا… إنّه عطيّةُ السّماء وهو سوف يكونُ الحياة الجديدة نستكملُ بها تاريخَنَا المجيد… إنّه عقدُ الكيان اللّبنانيّ الجديد الذي ولّد في قُلوب اللبنانيّين رجاءً جديدًا ولن نتخلّى عنه.”وما قالَه البطريرك الرّاعي، لا يقبَلُ لا التّأويلات ولا التّحليلات المغلوطة ولا الإستنسابيّات الحزبيّة؛ حيادُ لبنان يعني بالدّرجة الأولى وممّا لا لغطَ فيه، الإنتماء إلى لبنان أوّلاً وأخيرًا، مع الإحتفاظ بحيّزٍ كبير من الصّداقات للغرب والشّرق والإقليم العربي والجيران، والأهمّ من كلّ ذلك، عدم التدخّل السّافر في أيّ نزاعٍ أو صراعٍ مسلّح في أيّة دولة كانت، تحت حجّة الإيديولوجيا والسّياسة والعقيدة، كما لا يزالُ يفعلُ “حزب السّلاح” (لأنّ الله لا حزب له) مورّطاً لبنان بصراعات سوريّة ويمنيّة وإيرانيّة مُتوعّدًا الغرب والخليج، مُصرًّا على تحويل صورة لبنان الجسر التّنويريّ بين الغرب والشّرق، إلى بؤرة مُمانعة ظلاميّة. رِسالة لبنان أرقى وأسمى، فهو “أكثر من وطن إنّه رسالة للشّرق والغرب” كما أعلَنَها يومًا قداسة البابا يوحنّا بولس الثاني.
أمّا المُتلبّسون بثوب الوطنيّة والإصلاح، والمتسلّقون على كلّ ناقةٍ وجَمَل وقد أخذوا يَبْنُونَ على موقفِ سيّدِ بكركي مواقفَ ليسجّلوا أهدافًا سياسيّةً مُقنّعة بـ”الوطنيّة المِسْخ”، ومَنْ يدري إذا ما كانوا يتأمرَكون يتأجنَبون ويتعامَلون من تحت البِسَاط للتسلّق إلى رئاسة الجمهوريّة اللبنانيّة التي تصدّعَ مِدماكُها.
في المُحصّلة، نُلاحظُ أنّ عدّادَ التّسويات السياسيّة الفاسدة على حِساب الوطن والمُواطن في لبنان قد أُقفلْ، ولم يعدْ بإمكان الطّبقة الحاكمة “اجتراح” الحلول الموقّتة، فقد أُعميَت قلوبُهم وجميعُهم يتخبّطون بوحول الرّمال المتحرّكة من أجل البقاء ولَو في قُرنةٍ من المَلْعَب السياسيّ.
إدمون بو داغر