كي لا يلطّخ ثوبه الأبيض بزفتهم الأسود!

بعد سُبات عميق استفاق الديب! وقرّر أن يزفّت الجلّ! لكن ليس كل الجلّ ولا جميع طرقاته! بل فقط الطريق الممتد من ساحة الجلّ إلى مدخل المستشفى! أما باقي طرقات الجلّ فحقّها ضاع! لأنها ليست أولوية! مثلها مثل غيرها من طرقات وخنادق الكثير من المناطق! فأهلها وسكانها لا يزورهم الزفت الأسود! إنما سوّدت عيشتهم عوادم المولّدات وسوّدت صحّتهم! وخنَقهم وشحتَرهم دخان سيغار وجوه المتزعّمين السوداء! وفتَكت بهم روائح النفايات السوداوية والمكبّات العشوائية والمطامر البلدية الإنتفاعية! والكسّارات السرطانية! والإستفاقة المفاجئة لم تأت من فراغ! في زمن فراغ العيون وفراغ الألسِنة عند المسؤولين! وفراغ البطون وفراغ الجيوب عند المواطنين! الذين نهَبتهم طبقة المافياويين! بل استجدّت بعد أن وشوشته العصفورة أن بابا روما سيزور لبنان في أواخر الشهر وسيعرّج بزيارة إلى مستشفى دير الصليب! ليتفقد أحوال الراهبات والمرضى في مؤسسة الأب يعقوب الكبوشي! وطبعاً الزفت الأسود لن يبيّض صفحة ووجوه المتريّسين والمتسوّسين! ولا المتصرّفين ولا المصرفيين ولا الصرّافين! ولن يستجلب لهم بركة باباوية! وإن حاولوا أن يلتقطوا لأنفسهم “برفقته” صورة فوتوغرافية! أو تدافعوا للجلوس في الصفوف الأمامية! أو رفعوا “اليافطات” التبييضية! لن يكون قداسته ممنوناً عندما يعلم أن الزفت الأسود ملأ الطرقات التي سيسلكها موكبه هنا وهناك وهنالك! في هذا الجلّ وغيره من “الجلول”! فيما أمعاء الجائعين فارغة! وبطون الجشعين متخمة!
حبّذا لو يهبط البابا بمظلّة على سطح الدير! أو يأتي عبر التراب من بين الأشجار! ويترك الزفت للمزفِّتين والمزفَّتين والزفتيين والزفّاتين والمتزفّتين! كي لا يلطّخ ثوبه الأبيض بزفتهم الأسود!
انطوان ابوجودة


