“كِمِلْ النَّقل بالزّعرورة”!
جميعُهم مرضى! جميعُهم مكبّلون، بل مُعَوَّقون سياسيًّا واجتماعيًّا والأهمّ أخلاقيًّا…!
مهما ابتدَعوا واجتهدوا دستوريًّا ولَوْ حتّى كلّفوا مجدّدا “طبسون” الحكومة المخلوعة، فالحُكمُ مبرَمٌ على أعناقِهم وقد ضاقت خياراتُ سُلالَةِ السياسيّين المُتعجرفين والمُتكَبّرين والكَيْديّين، لأنّهم باتوا محكومين بالسَّيْر وفق الرّغبات الدوليّة بتشكيلِ حكومةِ اختصاصيّين توافِقُ عليْها الكُتل والأحزاب. نتوقّف عند هذا الحدّ من السّياسة اللبنانيّة الخرقاء!
les plus frustrés !
وكما يقولُ المثل:“كِمِلْ النَّقل بالزّعرورة”؛ فالحالة، أقلّه في المرحلة المُقبلة، تتّجهُ إلى تدهورٍ إجتماعيّ، لأنَّ المُعطيات غير مُشجّعة على المُستوى الأمنيّ المُرتبط بتصاعد التطرّف والتّلقين الدينِيَّ المُنحرف، المدعوم من خلايا سَلَفيَة نائمة، في أوروبّا.
يقعُ يوميًّا في فرنسا ولا سيّما في الآونة الأخيرة، أحداث أمنيّة تنمّ عن حقدٍ دفين من جهاتٍ سلفيّةٍ مُتغلغلٍة في المناطق الفرنسيّة، ضدّ دولةٍ احتَضَنَت من هم أكثر فاقةً وحرمانًا وحتّى كبتًا إجتماعيًّا، أو ما هو مُتَعَارف عليه بالفرنسيّة les plus frustrés، من دون التّمييز بين عرقٍ ودينٍ وهُويّةٍ وتاريخ. أهكذا تُكافأ دولة الحريّات؟ وآخرُ الأعمال الإنتقاميّة السلفيّة، هي تصفية البروفيسور Samuel Paty بشكلٍ وحشيّ على يدِ طلّابٍ سلفيّين في منطقة Conflans، لأنّه أرادَ نشرَ الفكرِ النقديّ الرّاقي، إلاّ أنّ الذهنيّات الظلاميّة كانت أقوى، فغدرت به. قالها الرّئيسُ الفرنسيّ إيمانويل ماكرون صراحةً: “قُتلَ أحدُ مواطنينا لأنّه كان يعلّمُ التّلامذة حريّة التّعبير وحريّة الإعتقاد أو عدمِه (…)، فكان ضحيّة جريمة إرهابيّة إسلاميّة، فقط لأنّه أراد دَعمَ رسالة الجمهوريّة التنويريّة.” وختم بالقول: “لن يمرّوا! الظلاميّة لن تنجحْ!”باختصار العلْمانيّة تُحْتَضَر، فأين الإتّجاه اليوم؟! هل الإتّجاه إلى البطش، وتطهير الخلايا الإسلاميّة النّائمة على الأراضي الفرنسيّة؟ أم الاتّجاه إلى تحجيم الإنخراط والإندماج الإجتماعيّ؟ وتكثرُ التّساؤلات…
إدمون بو داغر