رسالة من يهوذا الى الزويعيميّين اللبنانيّين

ما عدتُ أذكرُ كيف انتهيتُ على الأرض: أشنقاً أم طعناً ؟ في عتمة ذلك النهار، اخترتُ وضع حدٍّ لحياتي، بعدما فشلتُ امام سيّدي. اردتُه محرٍّراً من سلطات الاحتلال، فإذا به يعلنُ الطوبى للمضطهَدين، ويدعو الى محبة الاعداء.

المعرفة الحقيقية كانت خطيئتي. وحين اصطدمتُ بواقع انّي شئتُ دفعَه الى ان يُعلن ذاته، وفق ما اريده انا، -وكأنّ الحقيقة مجرّد اعلان- آثرتُ الموت على ان اراه ميتاً بسبب تعاميّ عن معرفة حقيقته.

هل كنتُ خائناً له فأسلمتُه؟ ربّما! هو، ما سمّاني يوماً كذلك.

انتم الفولاذيّون تقيمون لي تماثيل العبادة، وكلّها تشبه وجوهكم. وبعض سلطاتكم الدينيّة تنشدُ لي النشائد في السرّ، وتوصمني بالعار في العلن.

الويل لكم ايّها الماكرون، يا من حوّلتم بستان الفردوس الذي اسمه لبنان، وقد ورثتموه من دماء شهدائه، الى جهنم تلهبون نارها لتحرق أرضكم فيما انتم تعزفون ترانيم التعجّرف!

الويل لكم ايها العبيد، يا من تزحفون امام ايّ احتلال وتلحسون نعال ايّ نافذٍ لمجرّد ان يحفظ لكم ولذريّتكم خيال كرسي سلطة على حساب وطنكم!

 الويل لكم، ايّها المجرمون، يا من بعتم شعبكم ثلاثين مرّة ثلاث مرّات بأقلّ من ثلاثين من الفضّة!

وتدعونني انا الخائن؟

انا الذي ما كنت الّا مجرّد باحثٍ عن معنى ما شئتُ ادراكه.

انا الضائع، وقد تفوّقتم عليّ بالدهاء.

انا الذي رميتُ الفضّة لدافيعيها كي لا أرهن ضعفي بدم بريء.

الفا عام وانا قابع بين الظلمة والشك واسئلة اليقين.ها إنّي آتٍ اليكم، ومعي لائحة ملأتُ فراغاتها باسمائكم. سأدوس على كلّ قيافا وبيلاطس فيكم، وسأسلمكم الى دوائر الظلمات السبعة، رافعاً الى معلّمي شعبكم وقد عبر من الموت الى الحياة بعدما بلغ أنينه اعماق السماوات وقعر الجحيم، وذاتي وقد غدت اخيراً على مثاله بعدما بادلته هكذا حباً بحب… حتى الشهادة الفصحيّة!

غدي م. نصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى