لبنان حاجة ام لعنة؟
في ستينيات القرن العشرين، خلص فرنسوا ميتران، قبل ان يغدو رئيساً للجمهورية الفرنسية، الى الاعتراف انّ في الشرق شعباً إضافياً على أرض يتنازع عليها مع شعب ثانٍ يؤمن انّها له منذ كتابة التاريخ، ما يعني استحالة التوصل الى حل في شرقٍ مدمى بالحروب منذ ابراهيم. وهو وإن كان يقصد الشعب الفلسطيني، في ارض الموعد، الأّ انّه امتنع عن التسمية.
وتلقّف الاميركيون الفكرة، فإستنبطوا حلاً يقضي بتوطين الشعب الإضافي في الأرض التي استضافته، لبنان، فتُحلّ أزمة الشرق الضاربة في صراع الدين والتاريخ، الزمن والجغرافيا.
وأشتعل لبنان. قُتل ابناؤه وتقاتلوا. وعليه تصارعت قوى عظمى وصغرى. ما همّ، طالما المهم القضاء عليه!
وانبرى جورج شولتز، وكان آنذاك وزيراً للخارجية، لينادي بإلقاء الحجر على لبنان لأنه وطن موبؤ، يُخشى ان ينشر لعنته على المسكونة.
وحده يوحنا- بولس الثاني، الحبر الأعظم الآتي من قمم التجليّات الموحِّدة الإنسان بالأرض، وقف ليقول انّ الإنسانيّة مدينة لهذا الوطن الذي أراد لذاته ان يجمع النزعات السياسيَّة وتعدِّد الأديان في كيانً ثقافيّ وتمثيل سياسي واحد، وإن زواله سيكون اكبر ندم للبشرية.
أيُعقل ان ينتهي لبنان لعنةً أمميّة، وهو من أطلق مع قدموس اولى ثورات حرية العقل ضدّ جنوح التأليه العبثي؟ وهو الذي افتتح مع اليسار اولى ثورات التحرّر ضد طغيان السلطات المتألّهة باستعباد البشر بمنطق القوة؟
الجواب لدى الشباب اللبناني، المسيحي والمسلم، وقد ثار رفضاً للاغتراب عن ذاته وأرضه، المفروض عليه من زويعمين يتعالون عليه، فيما هم دمى بأيدي أيّ قوّة خارجيّة مهيمنة على حق الحرية والتحرر، فقط لقاء تأبّدهم وسلالاتهم.
هل يواصل هذا الشباب تحدي بقاء لبنان حاجةً للعالم أم يرضخ للتدجين فيتأبّد لبنان لعنةً، بها يزولون ويزول معهم؟
غدي م. نصر