عنصريّون؟

عنصريُّون نحن؟

ألإنَّنا تجَّذرنا في أرضنا، وجعلنا كلَّ حبَّةٍ منها منبتاً للسماء، فما إرتضينا هجرها، فيما النوب تلاحقنا من كلِّ حدب وصوب، فلا نحن معلِفٌ لِذِمَم ولا وِفرَةٌ لِنَهَم؟

ألإنَّنا ندوس بِطُهرنا حلقات الإستعباد وإستفراس المستعبِدين ومذلَّات عبوديَّات متألهي المشارق والمغارب، ونحن كأرضنا مطلع النور في الظلمات، فلا نحن مِراس نَوحٍ ولا رعونة رَجَسٍ؟

ألإنَّنا نرفض إستبدالنا بقبائل حشَّاشين ونُتَفَ مرذولين ومُستَحمسي إرهابيِّين، فلا نحن سوى بناة حضارة ومراسي كرامة. روَّادَ لا مردودين. شُفعاء لا مُتَشفِّعين.

عنصريُّون نحن؟

مِراسنا الدهور. نُعليها. لا أٍسوار دكَّيناها. لا مكتبات حرقناها. لا عقول نسفناها.

زنودنا المنطق. نحيِّيه. لا إستدعينا أرجاساً. لا هشَّمنا خَلقاً. لا سَبَينا غلماناً.

زهونا لبنان. نبغيه. نحقِّقه. نكونه. لا أقلَّ مِنَّا جعلناه. لا أقَلَّ مِن عوالم آمَنَّاه. لا أكثر من أحلامنا شقعناه. بالرعدة أزكيناه. بالمجابهة ألهَبناه. بالصون لوَّناه.

تضربنا رمال محاسد المشارق. ننفضها ونمضي قدماً. تنسبنا إليها، بالدمِّ نوقِّع نسبتنا لذاتنا. تستجرُّنا لضغائنها، لتسلُّطها ألمِن عبثِ فراغٍ، ندير ظهرنا… ونملأ أنَّى نشأ قبب عليائنا.

تستشدُّنا عواصف كبرياء المغارب. نُصلَبُ وَنَتَصَلَّبُ عنوةً. تستهلكنا بها، بالروح نوقِّع تفوُّقنا بذاتنا. تستنبط لنا طرق مفاسد، لإستعلائها ألمِن نكرانِ خليقةٍ، نُعَلِّمُ مدائنها كينونة الكلمة… وفعل البدء أنَّى نَخُطُّ هياكلنا.

كلُّ إبادةٍ لنا، إبادةٌ لِمَن يُبيدنا. ونبقى.

كلُّ إغراقٍ لنا، إغراقٌ لِمَن يُغرِقنا. ونحيا.

داعياتُ السلام، اولئك ألمِن داخلَ وخارجَ، الحاملينَ بأطراف بنادقهم وعلى سواد أكُّفهم تواقيع إستشهادنا، لهم الجُحُمُ مصيرٌ ولنا أرضنا وسماؤها تفلُّتُ جذورنا في رياح ديمومتنا. وبها الهدير نُسَمِّيهِ.

لا! ما كنّا ولن نكون كرمى لأحد وطناً بديلاً لأحدٍ، ولا مساحةُ لتكبيرِ أحدٍ، ولا تيهاً تحت صمت من ينظُرنا وقد طوى بلا مبالاته المتآلفة وإجرام مستهدفينا صورَ هويَّتنا وحجارة إيماننا وأغصان رباطنا.

عنصريُّون نحن. فليكن! لبنانيُّون نحن. ولنا. لنا. لبناننا!

غدي م. نصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى