Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.

الهستيريا!

تُجمِع العلوم الإنسانيَّة على إعتبار الهستيريا مرضاً من عوارضه التضعضع في إدراك الواقع وعدم القدرة على إستدراك الصواب، والإغراق في مواقف وقرارات متناحرة، غير سويَّة… وتبريرها. لكنَّ الأخطر، أنَّ المصاب بالهستيريا يبرع في إستنباط تصورَّات يكرِّسُها إنتصاراتٍ على أعداء منظورين وغير منظورين.

هذا في الإنسانيَّات، فكيف إذا تنعمّت الهستيريا في واقع وطن وقد استساغت طُرُقَها المافيا المتحكِّمة والحاكمة فيه؟

أليست هستيريا تلك التي إستحوذتها ثنائيَّة مستقوية بفائضٍ جعلته من العزَّة الإلهيَّة، ترفع بفضلها شارات النصر عند كلِّ حدث أرضيٍّ، بصرف النظر عن تداعياته، فتدَّعيه لذاتها، وعلى أساسه تسيطر، تحلِّل وتحرم، وتفرض… و”لا تخلع صاحبها”، في تدليل لما قام به أبو موسى الأشعري حين خلع صاحبه في إنطلاقة التحكيم بين الإمام علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان… فكان ما كان من تداعيات؟

أليست هستيريا تلك التي يفاخر فيها من يبرِّر لذاته عدم إتِّزانه وزحفه من أجل كرسيِّ من خلال إستنباط تفاهمات لا طائل منها سوى السيطرة أكثر على شبه مقدِّرات، لينقلب عليها مبرِّراً أفعاله تارةً بألقاب “الأقوى” و”الأكثر تمثيلاً”، وطوراً بِبِدَع “نحن فينا”… بها يعلِّل نفسه؟

أليست هستيريا تلك التي أصابت من يتسمسم كلَّ صبيحة أحد بإتِّهام الجميع بـ”إرتكاب الخطيئة” و”الجرم المشهود” والخيانة العظمى”، ويستسيغ لنفسه دسَّ لائحة مطوَّلة لمرشَّحين للرئاسة جلُّهم ما صلح لتولَّي شبه مديريَّة عامَّة… ثم يبادر لأحد معاونيه من رتبة قائد كشفي، لكي يدسَّ خبراً مفاده “أنَّ الأسماء غير رسميَّة… إذ أنَّ هناك أسماء خارج تلك المتداولة”؟

أليست هستيريا تلك التي، بفضلها، عمدت المافيا المختلطة، بِتَنَعُمٍّ، إلى إعدام شعب بأسره، بعد أن نهبت مدَّخراته، ومنعت عنه القوت والدواء وتعليم أبنائه، وفرضت عليه الإحتكام الى أسعار تقهقرٍ للعملة الوطنيَّة مُفتَعِلاتها أسواقٌ سوداءٌ؟

قلت: هستيريا؟

بالأحرى، أفي لبنان شعبٌ؟ تلك الهستيريا الكبرى!

غدي م. نصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى