فقدان منطق أم كرامة أم “استهبال”؟

مَن هو الذي يُفاقمُ الأزمات في الوطن؟ الجواب واضح ومباشر: إنّه الشّعب اللبنانيّ بجزءٍ من مسلكيّاته التي يتّخذُها بين ليلة وضُحاها، فتنتشرُ عدوى الذّعر والفوضى بين أفراد المُجتمع، وينتجُ عن ذلك فقدان للحسّ العلميّ والمنطق العام.

في بدايات أزمة لبنان الإقتصاديّة، بل الانهيار الإقتصادي للدّولة اللبنانيّة (السّاقطة أصلاً منذ عشرات السّنين) تهافت الشّعب اللبنانيّ إلى محطّات الوقود لتخزين مادّة البنزين والمازوت في منازلهم “ومن بعد حماري ما ينبت حشيش” وهم لم يكونوا جميعهم بحاجّة طارئة لهذه الموادّ البتروليّة وبهذه الكميّات الجنونيّة، لاسيّما وأنّهم ذهبوا إلى أبعد من ذلك، إلى المُتاجرة بها في السّوق السّوداء. في وقتٍ عانى مَن هو حقًّا بحاجة لهذه المادة الحيويّة، حتّى أنّ الكثيرين من أصحاب النّوايا الحَسَنة من اللبنانيّين تمنّوا الموت مقابل “البهدَلَة” بسبب فئة من اللبنانيّين البطرانين، والذين أعمت بصيرتهَم الوقاحة والأنانيّة.

وبعد ذلك تهافتوا ولو لفترة وجيزة إلى بطاقات التّشريج Alfa وMTC، في سباق قبل غلاء أسعارها. وهذا السّلوك ناتج بجزء منه، عن أخبار “سمعيّة” تهويليّة من “الدّكنجي” و”الفرّان” و”النّاطور” وسواهم من الخُرافيّين،غير منظورة وغير مكتوبة، ولا تستند إلى مصادر موثوقة، وبذلك يعتقدون أنّهم يرسمون استراتجيّات مستقبليّة، في حينٍ أنّهم يشلّون البلد ويفتعلون أزمات لم تكن أصلاً موجودة. وأبرز ما يتهافت إليه اليوم اللبنانيّون هي طلبات جوازات السّفر(ومعظمهم ليسوا بحاجة إليها) ولكن الـTrends اللبنانيّ يظهر مع موجات “الهَبَل” و”الإستهبال”، وهذا فقط لتأمين ما يفيض عن حاجته. ومن منهم هؤلاء جميعهم يستطيع أن يُطيل عمره ولو للحظة واحدة، عاصيًا مشيئة الله؟

لا أحد يُنكر أنّ الأزمة موجودة، وتُلقي بثقلها وبقوّة، ولكن من يُفاقمها هو السّلوك الذي ينمّ عن ذعر وتهويل وغياب المنطق. وفي النّهاية، لا بدّ أنّ نسأل، هل هذا التصرّف هدفه استباق الأحداث لعدم الوقوع بأزمة؟ أم أنّه سلوك ينمّ عن رفض بعض اللبنانيّين الذين اعتادوا نمط التّرف و”الرّخرخة” فقدانه ولو كلّفهم ذلك كرامتهم لدرجة افتعال أزمة اجتماعيّة؟

إدمون بو داغر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى