العنف والعنف المضاد!

المجرمون بدافع العاطفة، قد يقتلون عدداً من الناس للوصول الى غرضهم، لكنهم يعتقدون ويزعمون بأن اقترافهم لجريمة القتل عمل مشروع، او يحاولون ان يجدوا له مبرراً نظرياً..

لكن المجرمين الذين يرتكبون جرائمهم ويحتمون بالنظريات والمذاهب ويجعلون من الجرائم نهايات منطقيّة لما به يؤمنون.

لقد كانت الجريمة فرديّة كالصرخة، فأصبحت عالمية كالعلم، وكانت تلاحق من قبل القانون فغدت في الألفيّة الثالثة تصوغ القانون!

يقول البير كامو في كتابه “الانسان المتمرّد” ان ثمّة جرائم عاطفية وجرائم ذهنية، ونحن نعيش في عصر لم يعد يتعلّل المجرمون فيه بالحب ولكنهم يحتمون وراء الفلسفة، هذه الفلسفة التي يمكن استخدامها لكل شيء، وحتى تحويل المجرمين الى قضاة!

في العصور القديمة حين كان الطاغية يكتسح المدن، كان المنتصر يشدّ الأسير الى عربته بالسلاسل يجرّه خلفه منتشياً والناس مبتهجون، في سابق العصور كانت الجريمة تتم بلا تزييف، اما في عصرنا هذا فان معسكرات الرقيق، تقام تحت رايات الحريّة..

ويرى كامو ان فكرة القتل قد تطوّرت فغدت هذه الجريمة ترتكب في عصر الايديولوجيات الذي هو عصرنا باسم المذاهب والمبادئ، وينتهي القول ان القاتل هو شخص تهاوت في نظره كل القيم وان العدميّة، المطلقة هي المذهب الفكري الوحيد الذي يبرّر الجريمة ويرضى عنها، والعدميّة هي غير العبثية التي قد تبرّر قتل الذات ولكنها لا تبرّر قتل الآخرين!

هذا ما قاله كامو سنة 1951 فما عساه يقول الآن لو انه رأى ان المظاهر القمعية والهستيرية التي تتميّز بها حضارة العصر وثقافته لا تزال في تطور دائم ونموّ مستمرّ؟ لعلّه كما قال “كوستا اكسيلوس” ان الخصائص المميّزة لعصرنا هي خصائص فقدان توازن العقل والجنون!

جهاد قلعجي

                                  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى