يا شهداء لبنان لنا أصرخ: “قوموا !”

لم يكن ماكيافيللي يدرك، يوم وضع كتابه: “الامير”، انّه سينعم بمن سيطبّق مبادئه بحرفيتها من قبل عصابة زويعيميّي الطوائف اللبنانية، السياسييّن والدينييّن وغلمانهم.  فكتابه الصادر في العام 1532 بعد وفاته، إذ لم يجرؤ على نشره حيّاً، تضمّن طرحاً واحداً بتطبيقات مختلفة لإلقاء الاخلاقيّات السياسيّة جانباً من قبل امراء فلورنسا وبابوية الكسندر بورجيا، لبلوغ كافة المآرب والمواقع والاحتفاظ بها، من دون ايّ اعتبار سوى للغاية التي تبرّر كافة الوسائل وبالعكس.

واذا كانت سلالة ميديتشيس الفلورنسية وعائلة بورجيا آنذاك برّرتا افعالهما بإطلاق عصور النهضة، فالعصابة اللبنانية تتباهى بأخذ مواطنيها الى مهالك جهنم. وهي في تفنّنها بالمكائد واستنباطتها للدسائس، تحنّط افرادها ليستأبدوا، وما تغاضوا عن ارتكاب ايّ معصية لرعاية غاياتهم وحماية وسائلهم.

مجرمون انتم، وقتلة، يا من في غيّ عبوديتكم للخوارج، استعبدتمونا، ووقفتم هازئين بنا فيما نستشهد افواج عراة، وقد سلختم عنّا وهج انسانيّتنا، وسلبتم منّا ريادة لهبنا، ودجّنتم توّثب افعالنا.

كلّنا شهداء قهركم وانانيّاتكم، وقد سرقتم من امام اجدادنا وآبائنا ومرضانا ادويتنا وقوت عيشنا، فاستطبتم انواع الاذلال بنا منهجاً.

كلّنا شهداء اهمالكم وفسادكم، وقد لوّثت معاملكم وكسّاراتكم رئات ابنائنا وبناتنا، وأزهقت تربَتنا وهدّت جبالنا ودنّست أرز ربّنا، فاستطبتم انواع ابادتنا نهجاً.

كلّنا شهداء على ابواب المستشفيات والمدارس والجامعات والأفران والمصارف، وقد نهبتم جنى اعمارنا ومبتدعات عقولنا، فاستطبتم انواع هلاكنا ممنهجاً.

لنا، يا نحن شهداء لبنان، اصرخ: “قوموا ! على مآويهم ومخادعهم وأوكارهم انقضّوا !”

اجدادهم رذلوكم، وأباؤهم باعوكم، وابناؤهم سينفون من سيبقى من ابنائكم، وما تورّعوا عن استجلاب غرباء ليحلّوهم مكانكم فيكملوا بهم صون غاياتهم ووسائلهم.

عذراً ماكيافيللي، لن نجعلك بعد اليوم تهنأ في ابديتك، سندوسهم بنعالنا الممّزقة حتى لا تقوم لهم قائمة. ولن ندع تراب لبنان يُدَنَّس بجيفهم… سنرمي أثرهم في نار محارقهم حتى يُمحى ذكرهم مؤبّداً.

غدي م. نصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى