رفع الثّقة!
يقال في لبناننا إنّ الحياة فيه هي نبعٌ من السّياسة غير المقروءة، ربّما هذه المقولة هي الحقيقة في الواقع السّياسيّ، الذي يغمرنا في هذه الأيام ، بعدما فاض نهر الاتّهامات التي بات مصيرها، رفع الثّقة!
هذه الثّقة بلبلت العقول والنّفوس، هكذا نعتها أحد زائري ضيعتنا العزيزة، الذي كان يشيخ ويشرح ويقارن ويعلي صوته كأنّ قوس المحكمة لم يعد له من وجود في المجتمع السّياسيّ من دون دفاع ذاك الزّائر المتهلّل بأنماطٍ سياسيّة غير منطقيّة.
إزاء هذه الجدليّة السّياسيّة التي واقعها يتخبّط به المجلس النّيابيّ عبر اتّخاذ القرارات بحقّ سياسيّين كانوا قد حملوا راية لبنان السّياسيّة المستقبليّة، والآن أصبح مصيرهم: “رفع الثّقة”!
فكم نحن سعداء عندما تتحقّق العدالة، ولكن سعادتنا تتزايد عندما يطال مصير “رفع الثّقة” العديد من المسؤولين الذين حوّلوا الدّرجة الأولى في السّياسة المنقذة إلى درجةٍ ثالثةٍ من الانحطاط المستقبليّ لهذا الوطن الحضاريّ الحزين بمسؤوليه الذين باتوا والثّقة على خطوط التّماس القاتل.
مشاهد التّلفاز باتت مشجِّعةً ومصيريّة، كم نحن فخورون بهذه المشاهد التي تعزّز الثّقة بالنفس، بدلاً من أن تنزع الثّقة من نفوسنا، ربّما هي يقظة ضميرٍ وطنيّ، أو ربّما هي يقظة ضميرٍ خارجيّ، هنا التّباين ما بين الدّاخل والخارج دفع مجدّدًا بالزائر إلى الصّراخ هذا هو لبنان الذي نحلم به اليوم، إذ ذاك كانت صرختنا تحقيقًا لهذا الحلم الذي لن يبصر النّور إلاّ بعد نهايتنا في آخر المطاف، لأنّ الطّوفان قد ابتلع ثقتنا المغبونة من قبل المسؤولين الذين قد عانوا من رشيح
العرق، وذلك من شدّة الحرارة النّيابيّة، ولعلّ هذا العرق يكون نزًّا من التّضحيّة قبل صدور قرار “رفع الثّقة”، على أمل أن يكون هذا القرار سلّمًا يتسلّقه المسؤولون قبل فوات الآوان.
صونيا الاشقر
