“متل عصفور التّياح”!
يمرّ لبنان بمأساةٍ قوامها الفوضى والسّرقة والكذب وعدم الإصلاح الذي كان ينشده اللّبنانيّ منذ عشرات السّنين، واليوم بتنا وحكاية ابن ضيعةٍ أحبّها لدرجة أنّه كان يحلف باسمها، وتلك الضّيعة غابت عن عينيه بسبب الهجرة التي فُرضت عليه بعد عناءٍ طويلٍ من الوجع والعوز وضيق الحال، ولكن على الرّغم من غربته الطّويلة كان دائمًا يردّد قصّةً طريفةً يُحاكي فيها نفسه، فكان عنوانُها: “متل عصفور التّياح” وهذه القصّة “الضيعويّة” تنطبق تمامًا على قصّة لبناننا الدّامع على الرّغم من كلّ المحاولات التّفاؤليّة لإنهاضه من كبوته من جديد.
كان هناك شقيقان يعيشان في تلك الضّيعة اللّبنانيّة، وكانا يحبّان الصّيد، لذا عند كلّ فرصةٍ تسمح لهما بالصّيد، كانا يذهبان باكرًا قبل طلوع الشّمس وانهمار النّور صوب رحلة صيدٍ لا تقهر، هكذا كانا ينعتانها الشّقيقان، ولكن للأسف الشّديد فإنّ الأنانيّة كعادتها تلعب دورًا رئيسًا حتى في رحلة الصّيد، لذا كانا يملكان بندقيّةً واحدة، وكان شرطهما الأساسيّ عند كلّ رحلة صيد أن يتبادلا الأدوار في إطلاق النّار على العصافير المسكينة، ولكن أنانيّة الأخ الأصغر كانت تهيمن على ساحة الصّيد، أي إنّه كان يبدأ دائمًا بإطلاق النّار أوّلاً، وعندما يصل الدّور إلى أخيه الأكبر كان يردّد له مقولة أنت “متل عصفور التّياح” أي إنّه من الصّعب أن تتمكّن من الصّيد، وهذه الحكاية تنعكس على كلّ مصلحٍ في هذا الوطن، الذي عندما يريد أن يتنفّس الصّعداء تأتيه قصّة ” عصفور التّياح”.
وأنتم يا أيّها المسؤولون على الرّغم من الهجرة المستمرّة التي تطول نخبة شباب الوطن، نراكم تتعاملون مع لبناننا كقصّة ذاك المهاجر التي يردّدها عند كلّ عتبٍ مستقبليّ يهدّد كيان لبنان.
فالسّلاح هو ضعفٌ إذا لم يكن في مكانه مثل ضعف الأخ الأصغر مع أخيه الأكبر، لذا فإنّ جيشنا هو الأخ الأكبر الذي يجب أن يكون السّلاح بحوزته فقط وإلاّ “عصفور التّياح” سيقضي على ما تبقّى من ربوعه!
صونيا الاشقر