عبادتان لا ثالث لهما!
كتب المطران جورج خضر في صحيفة النّهار عام 1993:” المسيحيّون في بلدي “يَخشون أن يصيروا القطيع الصغير”. ويُضيف المطران خضر: “لا يذكرون أنّ اثنَي عشر رجُلًا منهم بلَا سلاح ولا بلاغة اقتحموا العالم، وينسون أنّهم كانوا يتكاثرون خلال الثلاثمائة سنة الأولى بسببٍ من الشهادة. من حيث إنّ موتهم والتأثير الروحيّ المُشِعّ من هذا الموت كانا يُنمِّيان الكنيسة. المسيحيّون رأوا القوّة حيث لم تكن”.
ولكن بعد ألفي سنة ونيّف تحالف المسيحيّون مع لعبة العدد وهم يعلمون أنّهم بالأصل لن يتفوّقوا في هذه اللعبة لأنّ إنجيلَهم لا يُقرّ بتعدّد الزيجات. واتّحدوا مع النّفوذ الأرضيّ والماديّ وإنجيلُهم يدعوهم إلى قوّة الوداعة وحكمة الحيّات والتجرّد عن أباطيل الأرض بدلاً من التمسّك بغباء غطرسة هذا العالم. لقد أسّس جزءٌ منهم ائتلافًا مع الحقد والضّغينة والشّماتة بمصائب الآخرين وويلاتهم وفي كثير من الأحيان صَمَتوا عن بلايا الشّعوب الأخرى وصمّوا آذانَهم، فيما يدعوهم المسيح إلى محّبة أعدائهم ومباركة لاعنيهم والصّلاة لأجلهم.
مُشكلة معظم المسيحيين في أنّهم انتسبوا خطأ إلى يسوع المسيح، وفي أنّهم ليسوا مقتنعين في أنّ يسوع قلبَ طاولات الصّيارفة وتجار هذا العالم سواء في داخل الهيكل أم في الممرّ المحاذي للهيكل، (بحسب ما يفسّر اللاهوتيّون) فالأمران سيّان، لأنّه كما أنّ عبادة االله تتم في داخل أو خارج المعبد، فكذلك عبادة المال تتم في كلّ آنٍ ومكان.
وفي هذا السياق يقول المطران جورج خضر: “ألمشكلة مع المسيحيين في بلدي أنّهم باتوا لا يعرفون سرّهم. فقد تزاوجوا هذا العالَم. يخشون أن يصيروا القطيع الصّغير (أيْ من الأقليّات)”..
ومن هنا يسمحون لأنفسهم ونُعيد ونكرر بجزء منهم أن يتحالفوا مع الشر بحجّة الدّفاع عن أنفسهم، مبرّرين معاصيهم تمامًا كما فعلَ الفرّيسيّون الذين هم أنفسهم صلبوا يسوع المسيح، في حين كان بيلاطس البنطي الروماني والوثني أكثر رحمة منهم فغسل أيديه من شرّهم ومَكرهم وأحكامهم ومجادلاتهم وممحكاتهم الباطلة.
إدمون بو داغر