مُقنّعون وهم “خنفشاريّون” و”جَرْبَى”!

دعونا لا نستبق وقائع زيارة البابا لاون الرابع عشر إلى لبنان من خلال تحليلات “خُنفُشارية”، صادرة عن مدّعي العِلمِ والمعرفة الذين يفتعلون الكلام ويُنتجون أقوالاً لا معنى لها. إنّهم أشخاص يفتقرون إلى المعنى والمضمون. لقد أصرّ البابا زيارة لبنان وهي زيارته الحبرية الأولى في العالم، ولم تأتِ صدفةً، بل جاءت عن مشروعٍ وُلدَ من رحِمِ روزنامة الكنيسة الرومانية لرؤيتها مستقبلاً نورانيًّا وخلاصيًّا سيُشعّ من لبنان على العالَم.
تتخطّى هذه الزّيارة الحبريّة “جَرْبَى” الدّولة اللبنانية (المصابين بالجَرَب) لأنّهم ببجاحتهم أثبتوا أنّهم دخلاء على هذه الأرض التي هي كونيّة بمعناها، وتتخطّى عملاء أحمد الشرّع الجزّارين وعملاء إسرائيل القصّابين (تجّار اللّحوم) وعملاء الخليج البطرانين وعملاء الغرب المتهاوي عن عرشه الأسطوريّ. وفي المحصّلة جميعُهم “جَرْبَانون”. مهما حاولوا الظُّهور بأجمل الحُلَلْ والأحزمة والأحذية ومهما عبّدوا طرقاتٍ وطمَسُوا روائحَ مسالخِ الكرنتينا ومطمر الكوستابرافا والمجارير السّائبة على الطّرقات والنفايات المبعثَرَة على الأرصفة وزرعوا الأحواض العامّة زهورًا ونباتًا لطالما كانت جدباءَ وقاحلة كنفوسهم، ومهما تقنّعوا بوجوه الآدميين، وهم في قلوبهم وحوشٌ لفَظَتها البراري، سيبقَون “جَرْبَى” لا نَفْعَ منهم ولا خير، و”كان خير لهم لو لم يولَدوا” (مقتبسة عن قول المسيح في يُهوذا الإسخريوطيّ).
في الحقيقة، إنّ من يستحق حقًا هذه الزّيارة ومن يجب أن يكون في مقدّمة الحضور هم الفقراء وعامّة الشّعب والمساكين والمضطهدين والمرضى، ولأنّ البابا هو ممثّل المسيح على الأرض، أوّل ما يجب أن يقوم به عندما تطأ قدماه لبنان هو قَلبُ طاولاتِ صيارفةِ الدولة اللبنانية “الجربانين” ومن يدعمهم بالكواليس النّتنة، ودعوة الكسحان والمساكين والمضطهدين إلى طاولة العرس. كم هو جميل هذا المشهد لو حصل؛ عندها تبدأ عدالة السماء بالحلول على الأرض.
إدمون بو داغر


