ما من أحدٍ أعظمُ من لبنان، حتّى “الصّهر”!
ما من أحدٍ أعظمُ من لبنان، حتّى “الصّهر”!
يُجمِعُ مُعظَمُ اللّبنانيّين المستقلّين وحتّى المُحازبين والموالين للسّلطة المترهّلة والمُعَادِين للثّورة، أنّ مجاعةً بدأت تتهدّدُ أمنَ البلاد والعِبَاد، غيرَ أنّ كبرياءَهم السياسيّ النّاتج من قانونٍ إنتخابيّ ضيّقٍ لبّى مآربَ بعضَ الأحجام السياسيّة. إنّها ثورةٌ ضدَّ الفسادِ والمُفسدين وبخاصّةٍ مَنْ وَعَدُوا الشّعبَ بإصلاحٍ يحمِلُ ربيعًا ورديّاً للُبنانَ واللّبنانيّين.
لبنان ينتفض بِمَنَاطِقه الفُسَيْفسائيّة المتنافرة: بيروت والمتن وكسروان والشّوف والبقاع وبعبلبك وزحلة وعرسال واللّبوة والحمرا حيثُ يَتَشَامَخُ فيها مصرف لبنان والبترون مسقطُ رأس الوزير الذي استفزّ وتيّارهُ الشّعبَ اللّبنانيّ مستخفًّا بطاقات أبناء وطنه والذي اغتصَبَ ثرواتِه الطّبيعيّة (وآخرها مرج بسري)، والماديّة. ناهيكَ عن طرابلس أيقونة الثّورة، والتي ظهرت بأرقى حُلَلها وبعكس ما صوّروها على مدى عقود. هزّتِ الثّورةُ مَفَاصِلَ الدّولةِ وأساساتِها وَمَطالبُها واضحةٌ على عكسِ ما تلفّققهُ “حيتانُ” السّلطة وهي:
1)إسقاطُ الحكومة وتشكيلُ حكومة تكنوقراط؛ 2)خطّة إنقاذيّة إقتصاديّة؛ 3)لجنة تحقيق قضائيّة مستقلّة من خارج منظومة سلطة الفساد لاسترداد المال المنهوب؛ 4)قانون إنتخابي جديد وعادل يجعلُ لبنانَ دائرةً واحدةً ينتُجُ منه انتخابات نزيهة؛
وعِوَضًا من أن تلتفَّ الدّولةُ الفاسدةُ والمُهترئةُ حول الثّورة، إلتفّت على أعناق الثّوريّين من خلال بلطجيّيها وميليشيّاتها وبخاصّة في النّبطيّة من خلال ترهيب وقمعِ المتظاهرين أو من خلال خروج مواكب حزبيّة بأسلحتها وشعاراتها المُرعبة. وكذلك الأمر بالنّسبة لصور وصيدا وبعلبك وسواها من المناطق التي تسيطرُ عليْها الاحزاب أو من خلال التّهديد بحرب أهليّة. وفي محاولةٍ لرصّ صفوف التيّار، الذي أخذ يتلاشى، خرج نوّابُه ووزارؤه بسيناريو رفع السريّة المصرفيّة عن حساباتهم في الدّاخل والخارج وبالضّغط على القاضية غادة عون برفع دعوى على رئيس الوزراء السّابق نجيب ميقاتي وخصوصًا أنّه اليوم بدون غطاءٍ سياسيّ.
حاوَلَت وتُحاول هذه السّلطة الجائرة والمُهترئة الضّغط على الحِراك الشّعبيّ من خلال الطّلب منه تشكيل لجنةٍ للحوار.
وُلدَت هذه الثّوْرة من رَحِمِ الشّباب المحروم، بسبب الإقطاعيّين الذين اغتَصَبُوا حقوقَ الشّبابِ اللّبنانيّ بالتّنعمّ بمجتمعٍ عادل.
في المحصّلة، لا بدّ من طرح بعض الأسئلة المصيريّة، على الرّغم من دعمنا لهذه الثّورة:
هل هي مقدّمة لتغيير النّظام اللّبنانيّ؟ هل هي مقدّمةٌ لنظامٍ فديراليّ؟ هل هي مقدّمة لولادة حزبٍ جديد على السّاحة اللّبنانيّة يضمّ لبنانيّين جددًا ومُتجدّدين؟ في جميع الأحوال ننتظر مرور الزّمن لتتبلور أمامنا خارطةُ الطّريق.
إدمون بو داغر