بعيدًا عن أقدامِ ونِعَال البشر!
أقفلَ وفدُ الصّندوقِ الدوليّ حقائبَ ملفّاته الخاصّة بلبنان ورحَلَ بعد أن تأكّد أنّ زمرةَ الحاكمين زورًا على أرض لبنان لا نفع منهم ولا جدوى. ومجلس نوّاب الشّعب القابع في غيبوبة يعشَقُ الكَسَل والنّوم وإذا ما اجتمعَ يهوى الكيديّة و”النّكايات” ليخرجَ بعد ذلك من خلف جدران المجلس بدون ثمار. وعلى حدّ القول في العاميّة: “هيدا كَوْم” ومن استقبلَ الوفد “كوم تاني”، فقد استُقبلَ “وفد صندوق الفُرجة”، من قِبَل زعيم زُعماء المجارير وملكُ ملوك المُناقصات.
عادَ حكّام الزور إلى التّناحر بين بعضهم البعض وإلى توسيع هوّة الفراغ الرئاسيّ أكثر فأكثر، حتّى بلغت إلى مستوى خنادق لا تصلحُ إلاّ لبيوت العنكبوت وحُفر الفئران ومثيلاتها. وعادوا وألقَوْا وزرَهم على الخارج، هذا الخارج الذي سيتنكّر لهم عمّا قريب، لحلّ مشاكله بالدّرجة الأولى.
انعكَسَ غياب الدّولة بزعمائها المُزَوَّرين والمُزَوِّرين بل والدجّالين فراغًا على المؤسّسات العامّة وخواءً على ملاعبها وأنديتِها وعدد من طرقاتِها العامّة التي كساها العُشب وعشّش في زواياها العَنكبوت ووجدت في أرجائها الحشرات والحيوانات مأوىً لها بعيدًا عن أقدام ونِعَال البشر “الأنجاس”.
في الحقيقة، سيكون مصيرُ الإنسان في نهاية المطاف ترابًا ورمادًا، لذا لنستعدّ منذ الآن ونعانق الطّبيعة مجدّدًا وبكلّ ما تحتويه، لأنّه قريبًا ستكون مجأنا ونحن على قيد الحياة.
إدمون بو داغر
