من مارون الى زويعيمي ملّته ورعاة انطاكيّته

يوم اخترت العراء منسكاً، مصلوباً فيه عن ذاتيّتي، ما ابتغيت الّا رفع خليقة الأرض الى خالقها وقد استعدتُ نقاء خلقها فاستحقّت مُلك السماوات، على مثال سيدي ومعلّمي.

ما كانت رسالتي الّا الإنسان، كلّ إنسان وكلّ الإنسان. دعوتي حريته، وقداستي تحَرُرَه، إبنَ القيامة ووَارِثَ الأبد.

أتعرفونني حقاً؟ أتعرفون لبنان الذي تزّعمتم وبالاً عليه؟

كم صوّرتم أنفسكم ضحايا وكنتم من جلد؟ كم استنسلتم ذرّيات وقد أقصيتم من بينكم طاقات العلاء؟ كم قامرتم بالعرض وخنعتم في الملمّات؟

ما أُعطِيتُم وطناً الّا من فوق، لا منّة من احد، ولا إرثَ سلالات، ولا هبةَ ادعاءات، بل تراباً من دم وماء، وطنَ قربانِ فداء.

وانتم، بدل الكنيسة، اخترتم الطائفة،

وبدل الأمّة استطبتم المذهب،

وبدل الملكوت، تمّلكتم الزؤان.

كلام رعاتكم غوايات مرثيات وعويل ويلات، وكلام ساستكم دهاء خبث ومكر تناقضات. تتلّطون بالمسيح، وهو ما أتى بمساوامات بل تحدياً للتحديات. وتتباكون على وطن ما حفظتموه كقديّسيكم بالبهاء.

ها راعي رعاتكم يستدعي وصاية دولية على لبنان. اما قرأ يوم استدعى سلفه الأسبق ذلك في القرن التاسع عشر، ما كانت النتيجة الّا شرذمة وطنكم وتعيين حاكم اجنبي عليه، وتسجيل اكبر هجرة لمسيحييّه منه، وربطه الى اليوم بالمسألة الشرقية وهو منها براء؟ وما كانت نتيجة ركون سلفه المباشر الى المؤتمر الدولي المقنّع، سوى القضاء على هيبة حضوركم المسيحي وفاعلية وجوده؟

وها تفاهمات زويعيميكم ومراوغاتهم تدفع احدهم بالرد على خليفة بطرس بأنّ لبنان ليس للمسيحيين، فيما آخر يفاخر بأنّ وطنه الى جهنم بفضل حكّامه وكأنه ليس منهم، وثالث يستظل الغباء مخرجاً، ورابع تحالف الاجرام…

 يا ابناء الموت، وقد جعلتم شعبيَ ذليل الهوان وأسير الترابيات، وانا تمثالاً من حجر، بيني وبينكم هوّة عظيمة، فاذهبوا عنّي يا ملاعين الى النار الأبدية.

لشعبي انا، وشعبي لي. وهو باقٍ بي فخر لبنان والملكوت!

غدي م. نصر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى