Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.

وطن واحد غير موحّد!

في سنوات “الحرب على لبنان” كما سمّاها غسان تويني، هبّ شباب متعلمون، مثقفون، من عائلات مرموقة، وضحّوا بدمائهم لإنقاذ وطن قرر حكام العالم آنذاك تسوية القضية العربية على حسابه بجعله “الوطن البديل”، تعويضا للجريمة التي ارتكبت ضدّ شعب اقتُلع من جذوره ورُمي في ضواحي مدن البلدان المجاورة.
نجح هؤلاء الشبان بتغيير المعادلة وإبقاء لبنان الوطن على قيد الحياة، لكن حكامهم فشلوا لأنهم لم يعيدوا تأسيس لبنان جديد قابل للعيش في ظل متغيرات جيوسياسية أساسية، وأصرّوا على إنعاش صيغة “العيش المشترك” دون إعطائها سبل الحياة. أي دون إعطاء كل فريق فسحة تنفّس، وحصر الجميع في “زريبة” واحدة يتناحرون فيها، ويتحكّم بها الاقوى عددا أو الاقوى بالسلاح المباح. كل هذا في محيط متفجّر، ضاعت فيه القضية العربية واستفاقت المواجهة القديمة-الجديدة السنية-الشيعية، ساحتها الطبيعية الخليج العربي.. وساحة قتالها : العراق، سوريا، ولبنان.
في ظل هذا الصراع، انتعشت المقاومة الإسلامية، وبنَت أمجادها على أطلال “المقاومة اليسارية” التي نُحرت على مذبح الصراع الخليجي-الفارسي. وهبّ شباب من جديد لطرد محتل أجنبي واسترجاع لبنان. لكنهم فشلوا هم أيضا لأنهم بدل تأسيس وطن قابل للعيش، طمعوا، بل خُدعوا من قياداتهم التي قررت السيطرة الكاملة على لبنان الدولة-والمؤسسات، لبناء وطن واحد غير موحّد يدور في فلك إيران.
الصراع السني-الشيعي الخليجي استنفذ قوى لبنان وحال دون نهوضه من جديد. ولا يزال بلدنا ضحيّة حروب الآخرين الذين لا يهمهم المحافظة على لبنان الوطن. هذا الوطن الذي لن يتعافى طالما السعودية تتهمنا بالتبعية لإيران. وإيران تخوّننا بالتبعية لأمريكا. واميركا تغسل يديها من دمنا وفي الوقت نفسه تمنع أي بلد غربي بالتدخل لمساعدتنا. وفرنسا تتخبط دون جدوى في محاولتها إنقاذ نظام ولّى، خوفا من اضمحلال وطن لا شعبا له يصرخ ولا قيادات تسأل..

جوزف مكرزل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى